خسائر حادة في بورصة طوكيو مع تراجع أسهم التكنولوجيا والرقائق الإلكترونية

القاهرة – شهدت بورصة طوكيو يومًا عصيبًا مع بداية تداولات شهر سبتمبر، حيث مُني مؤشر “نيكي” بخسائر كبيرة، متأثرًا بموجة بيع واسعة في قطاعي الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات. يأتي هذا التراجع كصدى مباشر للخسائر التي لحقت بأسهم التكنولوجيا في الأسواق الأمريكية نهاية الأسبوع الماضي، مما أثار قلق المستثمرين ودفعهم نحو إعادة تقييم محافظهم الاستثمارية. وفي سياق متصل، شهدت أسواق السندات تراجعًا هي الأخرى، بينما حافظ الين الياباني على استقراره النسبي مقابل الدولار.

شرارة التراجع قادمة من “وول ستريت”

بدأت شرارة الهبوط من بورصة “وول ستريت”، حيث شهدت أسهم التكنولوجيا التي قادت موجة الصعود الأخيرة عمليات جني أرباح مكثفة. وكان سهم شركة “إنفيديا”، عملاق صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي، الخاسر الأكبر، مما أدى إلى هبوط مؤشر “فيلادلفيا لأشباه الموصلات” (SOX) بأكثر من 3%. وتعمقت المخاوف بعد النتائج المالية المخيبة للآمال لشركتي “مارفل تكنولوجي” و”ديل تكنولوجيز”، والتي أثارت تساؤلات حول استدامة الطلب المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وزاد من الضغط على سهم “إنفيديا” ما تردد عن نجاح شركة “علي بابا” الصينية في تطوير شريحة ذكاء اصطناعي جديدة متوافقة مع أنظمة “إنفيديا” البيئية، مما يفتح الباب أمام منافسة قوية قد تؤثر على حصتها السوقية المهيمنة. هذه التطورات السلبية انتقلت عدواها سريعًا إلى طوكيو، حيث تهاوت أسهم الشركات الكبرى في قطاع معدات تصنيع أشباه الموصلات والمواد المرتبطة بها.

نظرة الخبراء: الحذر يسود والأسواق تستعد لتقلبات

يرى الخبراء أن الأسواق تدخل مرحلة من الحذر الشديد. وفي هذا الصدد، صرح السيد توموإيتشيرو كوبوتا، كبير محللي الأسواق في “ماتسوي للأوراق المالية”، بأن “مخاطر الهبوط تتزايد، وقد نرى مؤشر نيكي يكسر حاجز الـ 40,000 نقطة”. وأوضح كوبوتا أن موجة البيع في طوكيو كانت مدفوعة بشكل أساسي بتداولات العقود الآجلة التي عكست المعنويات السلبية في قطاع التكنولوجيا الأمريكي.

وأضاف أن المستثمرين في الولايات المتحدة يشعرون بالقلق إزاء التقييمات المرتفعة للأسهم، بالتزامن مع تجدد المخاوف من ضغوط تضخمية واحتمالية دخول الاقتصاد في حالة ركود. وأشار إلى أن الأسواق تترقب عن كثب بيانات التضخم الأمريكية القادمة، وخاصة مؤشري أسعار المنتجين والمستهلكين، والتي ستكون أكثر تأثيرًا من تقارير التوظيف هذا الأسبوع.

ويتوقع كوبوتا أن يظل الضغط على مؤشر نيكي قائمًا خلال الشهر الجاري، مع احتمالية زيادة التقلبات في فترة ما قبل تاريخ تسوية العقود الآجلة الرئيسية في 12 سبتمبر. وحدد مستويات الدعم الرئيسية للمؤشر عند متوسطه المتحرك لمائتي يوم، أي حوالي 38,500 نقطة، بينما قد يجد مقاومة عند مستوى 43,000 نقطة.

أداء متباين للقطاعات وفرص استثمارية بديلة

لم يكن التراجع عامًا في كافة قطاعات السوق اليابانية، بل كان هناك تباين واضح. ففي الوقت الذي عانت فيه أسهم التكنولوجيا الكبرى مثل “أدفانتست” و”ديسكو” و”سوسيونكست” من خسائر فادحة، شهدت أسهم الشركات المرتبطة بالطلب المحلي أداءً إيجابيًا.

وقد برزت قطاعات مثل الأدوية، النقل البري، والمواد الغذائية كنقاط مضيئة، مما ساعد مؤشر “توبكس” الأوسع نطاقًا على التحول إلى المنطقة الخضراء لفترة وجيزة خلال الجلسة. وكان من بين العوامل الداعمة لمعنويات المستثمرين قرار محكمة استئناف فيدرالية أمريكية باعتبار الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب غير قانونية.

وبناءً على هذه المعطيات، ينصح المحللون بتوخي الحذر تجاه أسهم الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي. ويوصي السيد كوبوتا بالتوجه نحو أسهم شركات البناء مثل “شيميزو” و”كاجيما”، وشركات الصناعات الغذائية مثل “أجينوموتو” و”يامازاكي بيكينج”. كما أشار إلى إمكانية تبني استراتيجية أكثر نشاطًا تعتمد على “بيع أسهم الذكاء الاصطناعي وشراء أسهم قطاع البناء”.

لمحة عن أسواق السندات والعملات

في سوق السندات، سادت موجة بيعية أدت إلى تراجع الأسعار وارتفاع العوائد، وذلك في ظل ترقب المستثمرين لمزاد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات، بالإضافة إلى حالة من الحذر قبل كلمة مرتقبة لنائب محافظ بنك اليابان.

أما في سوق الصرف الأجنبي، فقد شهد الين الياباني استقرارًا نسبيًا، حيث تم تداوله في نطاق ضيق حول 147 ينًا للدولار. ووجد الين دعمًا من تزايد الإقبال على الملاذات الآمنة نتيجة تراجع الأسهم، لكن حالة عدم اليقين السياسي المحلي حدت من مكاسبه. وفي المقابل، تعرض الدولار لبعض الضغوط بعد قرار المحكمة الأمريكية بشأن الرسوم الجمركية. ويتوقع المحللون أن تظل التعاملات حذرة بانتظار صدور بيانات اقتصادية أمريكية هامة في وقت لاحق من الأسبوع.