“أَلا يُقاوَم” يثير ضجّة في فينيسيا ومنافسة شرسة على الأسد الذهبي

أحدث فيلم المخرج الكوري الجنوبي الشهير بارك تشان-ووك، “أَلا يُقاوَم” (Ajjeolsuga eobsda)، ضجة كبيرة في مهرجان البندقية السينمائي الدولي، وحظي بإشادة واسعة من النقاد، وصلت إلى وصفه بأنه “تحفة كورية مذهلة” و”باراسايت هذا العام”، في إشارة إلى فيلم “باراسايت” (Parasite) الذي حصد جوائز الأوسكار. ويُعد هذا التقدير الكبير دليلاً على أن المخرج، الذي يوصف بأنه “الأكثر أناقة بين المخرجين المعاصرين”، قد قدّم عملاً استثنائياً.

بعد العرض، حظي الفيلم بتصفيق حار من الجمهور دام لمدة تسع دقائق، وتلقى تقييمات إيجابية جداً من النقاد، مما دفع البعض للتنبؤ بأنه سيترشح لجوائز الأوسكار في فئات رئيسية العام المقبل. ورغم أن بارك تشان-ووك يعتبر من عمالقة السينما العالمية ولا يحتاج لإثبات نفسه، إلا أن التساؤلات بدأت تثار حول ما إذا كان فيلمه سينال جائزة الأسد الذهبي المرموقة.

مر أسبوع على انطلاق المهرجان، وتم عرض معظم الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، مما سمح بتشكيل صورة أولية للمنافسة. يبدو أن فيلم “أَلا يُقاوَم” هو المرشح الأقوى لنيل الجائزة، لكنه يواجه منافسة قوية من أعمال أخرى لا تقل عنه جودة وإثارة للجدل.

منافسو بارك تشان-ووك: من جيم جارموش إلى أوليفييه أساياس

“أَلا يُقاوَم” يواجه منافسة حقيقية على الجائزة من فيلم “أب أم أخت أخ” (Father Mother Sister Brother) للمخرج الأمريكي المستقل جيم جارموش. يعتبر جارموش أيقونة السينما المستقلة الأمريكية، وقد لاقى فيلمه الجديد إشادة كبيرة تتناسب مع سمعته. يتكون الفيلم من ثلاث قصص قصيرة تدور أحداثها في الولايات المتحدة، إيرلندا، وفرنسا، وتتناول قضايا الأسرة، الشيخوخة، والذاكرة بأسلوب مينيمالي فريد.

يتميز أسلوب جارموش بالبساطة والهدوء، حيث يركز على الحوارات الدقيقة والصمت المعبّر بدلاً من المبالغة. وقد حصل الفيلم على متوسط تقييم 4 من 5، وهو أعلى من تقييم “أَلا يُقاوَم” الذي بلغ 3.4. وقد أشادت به صحيفة “الجارديان” البريطانية لـ”إخراجه المتميز للحوارات الدقيقة والصمت”. ومن الجدير بالذكر أن جارموش لم يفز بأي جائزة في مهرجان البندقية من قبل.

أما المنافس الآخر الذي يثير الجدل فهو “ساحر الكرملين” (The Wizard of the Kremlin) للمخرج الفرنسي المخضرم أوليفييه أساياس. هذا الفيلم أثار انقساماً كبيراً بين النقاد، حيث تتفاوت الآراء حوله بين الإعجاب الشديد والتحفظ. الفيلم يتناول قصة صعود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شبابه، ويروي العلاقة بينه وبين مخرج سينمائي شاب لعب دوراً حاسماً في تشكيل صورته العامة.

“أَلا يُقاوَم” إلى الأوسكار

في خطوة سريعة، اختار مجلس الأفلام الكوري فيلم “أَلا يُقاوَم” ليكون ممثل كوريا الجنوبية الرسمي في فئة أفضل فيلم روائي عالمي في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ98، المقرر إقامته في 15 مارس من العام المقبل. ويعكس هذا الاختيار ثقة المجلس الكبيرة في قدرة الفيلم على المنافسة في المحفل السينمائي الأكبر في العالم.

تدور أحداث الفيلم حول موظف يتعرض للطرد من عمله، فيقرر خوض معركة شرسة لحماية عائلته ومنزله. يجمع الفيلم بين الإثارة والجريمة والكوميديا السوداء، ويشارك في بطولته نخبة من الممثلين الكوريين البارزين مثل لي بيونغ-هون، سون يي-جين، ولي سونغ-مين.

وقد أشاد النقاد في مختلف أنحاء العالم بالفيلم، ووصفته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بأنه “تحفة كورية ممتعة بشكل مبهج”، و”باراسايت هذا العام”. كما وصفته مجلة “فرايتي” الأمريكية بأنه “مليء بالأدلة على أن بارك تشان-ووك قد يكون المخرج الأكثر أناقة في الوجود”.

تقييمات قوية وتفاؤل بالمستقبل

عززت التقييمات الإيجابية التي حصل عليها الفيلم في مهرجان فينيسيا من فرصه في الأوسكار. حيث صرّح النقاد بأن الفيلم يتمتع بجودة فنية عالية، وقصة تلامس قضايا معاصرة مثل البطالة والانهيار الأسري، إلى جانب الأداء التمثيلي المتميز. وقد أشار الحكام في لجنة اختيار فيلم الأوسكار إلى أن “أَلا يُقاوَم” هو الخيار الأكثر تنافسية، حيث يجمع بين الجودة الفنية، والموضوع المعاصر، والأداء التمثيلي القوي، كما أنه يملك شركة توزيع أمريكية موثوقة (نيون).

يذكر أن بارك تشان-ووك سبق أن ترشح بفيلمه “قرار الرحيل” (Decision to Leave) للأوسكار العام الماضي، لكنه لم ينجح في الوصول إلى القائمة النهائية، مما أثار استياء كبيراً في الأوساط السينمائية العالمية. هذه المرة، يبدو التفاؤل أكبر بأن “أَلا يُقاوَم” سيتمكن من تجاوز هذه العقبة. ومع هذا الزخم الكبير، فإن الجميع يتطلع لرؤية بارك تشان-ووك يسير بفخر على السجادة الحمراء لحفل الأوسكار العام المقبل.