في الوقت الذي كانت تتجه فيه أنظار عشاق الساحرة المستديرة صوب ملعب “الإمارات” بالعاصمة لندن، مترقبين صدام العمالقة بين أرسنال ومانشستر سيتي، جاء الخبر اليقين بتأجيل المواجهة المنتظرة، ليثير هذا القرار حالة من التساؤلات في الشارع الرياضي حول أسباب غياب “القمة” ومستقبل المنافسة المشتعلة بين المتصدر ووصيفه، بالتزامن مع أزمات فنية وشخصية تلاحق نجوم بطل الدوري، وعلى رأسهم الوافد الجديد تيجاني ريجندرز.
كواليس تأجيل “معركة الإمارات”
كان من المفترض أن يشهد مساء اليوم الأربعاء ملحمة كروية حقيقية بين كتيبة “المدفعجية” التي تعيش أزهى عصورها هذا الموسم، وبين “السيتيزنز” الطامحين لتقليص الفارق واقتناص الصدارة، فأرسنال يتربع على القمة منفرداً بعد تحقيقه العلامة الكاملة في خمس جولات متتالية، مطيحاً بليفربول وتوتنهام في طريقه، بينما دخل رجال بيب غوارديولا في سباق مع الزمن لتعويض عثرتهم أمام “الريدز” وسد الفجوة النقطية.
السبب الحقيقي وراء هذا الغياب القسري لم يكن كروياً بحتاً، بل فرضته الظروف الاستثنائية التي مرت بها العاصمة لندن عقب وفاة الملكة إليزابيث الثانية؛ إذ واجهت شرطة لندن ضغوطاً هائلة ونقصاً في الموارد لتأمين الفعاليات الكبرى تزامناً مع مراسم الجنازة، وهو ما وضع أرسنال في مأزق حقيقي، فالفريق اللندني كان ملزماً بخوض مباراته المؤجلة في الدوري الأوروبي أمام آيندهوفن الهولندي يوم الخميس 20 أكتوبر، تجنباً لعقوبات الاتحاد الأوروبي التي كانت تلوح في الأفق بخصم النقاط حال عدم لعب المباراة، لذا وافقت رابطة البريميرليج على ترحيل قمة السيتي لإنقاذ الموقف الأوروبي لأرسنال.
ريجندرز.. بداية نارية وتراجع مفاجئ
وعلى الجانب الآخر من المشهد، وبينما يغيب مانشستر سيتي عن اللعب الليلة، لا يبدو أن الأجواء داخل الفريق السماوي هادئة تماماً، خاصة فيما يتعلق بصفقاته الجديدة، فقد أبدى الهولندي تيجاني ريجندرز، الذي انضم للفريق قادماً من ميلان في يونيو الماضي كأحد أبرز صفقات المدير الرياضي هوغو فيانا، إحباطاً واضحاً من وضعه الحالي، فرغم انطلاقته الصاروخية في البريميرليج ومساهمته في اكتساح ولفرهامبتون برباعية نظيفة في ظهوره الأول، إلا أنه وجد نفسه لاحقاً يصارع من أجل حجز مكان أساسي في تشكيلة غوارديولا.
مر الفريق بفترة تذبذب واضحة، تخللتها هزائم أمام توتنهام وبرايتون، مما أثار المخاوف حول الهشاشة الدفاعية للفريق، لكن “السيتيزنز” سرعان ما استعادوا توازنهم بسلسلة انتصارات مرعبة، حققوا فيها 11 فوزاً في 14 مباراة، ليواصلوا مطاردة أرسنال بشراسة، ورغم هذا التعافي، ظل ريجندرز يعاني من قلة الدقائق، خاصة مع اعتماد غوارديولا على التدوير المستمر ومحاولة ضبط إيقاع خط الوسط الذي عانى من شح تهديفي، باستثناء ما يقدمه “الماكينة” إيرلينج هالاند.
رسائل غاضبة من معسكر الطواحين
لم تتوقف معاناة اللاعب عند حدود ناديه، بل امتدت لمنتخب بلاده، حيث اعترف ريجندرز بضيق شديد بسبب جلوسه على دكة بدلاء منتخب هولندا لصالح أسماء مثل فرينكي دي يونج وريان جرافينبيرش، وفي تصريحات جريئة أعقبت تألقه اللافت وتسجيله هدفاً وصناعته لآخر في 16 دقيقة فقط ضد ليتوانيا، أكد اللاعب أنه كان يشعر بـ”الغضب والإثارة” ورغبة جامحة في إثبات ذاته للمدرب رونالد كومان.
اللاعب الهولندي أشار بوضوح إلى أن دكة البدلاء ليست مكانه المفضل، وأن المنافسة الشرسة في منتخب “الطواحين” لا تعني استسلامه، وهو ما قد يسعد مدربه بيب غوارديولا الذي يأمل أن تنعكس هذه الروح القتالية على أداء اللاعب مع السيتي في قادم المواعيد.
المصير المجهول لجدول المباريات
وفي خضم هذه الأحداث، يبقى السؤال الأهم: متى تُلعب القمة المؤجلة؟ حتى اللحظة، لم تحدد رابطة الدوري موعداً جديداً، مكتفية بالإشارة إلى أنه سيعلن عنه “في الوقت المناسب”، لكن المؤشرات تؤكد ترحيل المباراة للعام المقبل، خاصة مع ازدحام الأجندة الدولية بكأس العالم الشتوية في قطر، والتي ستجبر الدوريات الأوروبية على التوقف في نوفمبر، على أن تعود عجلة البريميرليج للدوران مجدداً في “البوكسينج داي” نهاية ديسمبر، ليكون عشاق الكرة الإنجليزية على موعد مع موسم استثنائي وطويل.








